التخطي إلى المحتوى

معالم القلق والخوف تزايدت عبر السباق القائم بين زحمة أولويات ملحة تداخلت فيها تداعيات ملفات استراتيجية مثل ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وضغط عامل الوقت فيه، بتداعيات ملفات حياتية – امنية داهمة مثل ملف اقتحامات المصارف التي ستقفل أبوابها من اليوم الى الخميس المقبل، وسط حالة شكوك عميقة في أي معالجات مقبلة ما لم تستند الى حلول مالية ومصرفية تفرج كرب الناس، وهو الامر الذي يبدو متعذرا للغاية في هذه الظروف، وفق ما كتبت” النهار”.

اضافت” تبعا لذلك يجري رصد مجريات الأسبوع الطالع بدقة وحذر بالغين خصوصا لجهة بلورة التطورات المتصلة بملف ترسيم الحدود البحرية بعد جولة التهديدات المتقابلة التي تبادلها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ومسؤولين اسرائيليين في اليومين الأخيرين، كما ترصد طبيعة المشاورات الفرنسية – السعودية – الأميركية التي ستجرى في نيويورك على هامش اعمال الدورة العادية للأمم المتحدة وهي مشاورات تكتسب أهمية بارزة لكونها تجمع مسؤولين ملمين بالملف اللبناني في الدول الثلاث. وسيركز التشاور والبحث في ما بينهم على الاستحقاق الرئاسي في ظل السيناريوات المطروحة ومواقف كل من الدول الثلاث من هذا الاستحقاق. واما الملف المعيشي والمصرفي فينتظر بلورة الإجراءات التي سيتم اتخاذها امنيا وماليا ومصرفيا لاحتواء موجة الاقتحامات كما جرت الجمعة الماضي علما ان المخاوف من تكرارها ازدادت ولم تتراجع، الامر الذي قد يوجب إجراءات مالية ومصرفية جديدة وعدم الاكتفاء بتعزيز باجراءات الحماية في المصارف .

وتجتمع جمعية المصارف اليوم للبحث في المشكلة وسط رأيين فيها: الأول يقول بالاضراب ليوم واحد وتوجيه رسالة الى المسؤولين لتحمل مسؤولياتهم في حماية الموظفين والعاملين في المصارف. والثاني يدعو الى اضراب مفتوح بغية منع تكرار ما حصل ولكن ثمة حذر حيال الطرح الثاني خشية حصول تداعيات سلبية اوسع واخطر.

وكتبت” اللواء”: يختبر الأسبوع الطالع مسار الانقسام حول وضع المصارف ومصير الودائع، ليس من ناحية «أمنية» او ما شاكل، فالمخاوف على هذا المستوى، من نسج الخيال والأوهام، وإنما لجهة الدور الوظيفي للخدمات المصرفية بعد الانقسام الحاصل، وانهيار السلطة السياسية والقضائية لمصلحة توفير الحماية لأداء المصارف، مع العلم أن المودعين او سواهم من المواطنين، على أي مستوى كانوا يسلمون بضرورة حماية المصارف وفروعها والعاملين فيها حرصاً على الدورة الاقتصادية والانتظام العام.

وفي خطوة لإحكام الضغط على المواطن، تتجه المصارف لايقاف العمل بالتعميم 161 الذي يتيح سحب الدولار من المصارف عبر نوافذ الـATM مما يعني عملياً عدم التمكن من سحب الدولارات على منصة «صيرفة» او غيرها طوال ايام الاضراب الثلاثة بانتظار العودة إلى العمل بدءا من الخميس المقبل.

مصادر سياسية اشارت لـ «الديار» الى إن بعض الجهات استغلّت وجع المودعين ودفعتهم إلى النزول إلى المصارف، في عملية تطرح الكثير من الأسئلة عن النيات خلف هذا الاستغلال، ولفتت هذه المصادر إلى أن هناك أكثر من احتمال على هذا الصعيد:
– الاحتمال الأول: جهات قريبة من العهد أرادت الضغط على الرئيس نجيب ميقاتي بهدف التنازل في ملف تشكيل الحكومة، وبالتالي حاولت إعطاء لمحة عمّا ستؤول إليه الأمور في حال وصلنا إلى فراغ رئاسي حتمي في ظل حكومة تصريف الأعمال غير المؤهلة، بحسب فريق العهد، لتولّي صلاحيات رئيس الجمهورية. وبالتالي يريد هذا الفريق أن يتنازل ميقاتي عن موقفه ويوافق على تعديلات حكومية تعطي فريق رئيس الجمهورية تأثيراً أكبر في القرارات الحكومية في مرحلة الفراغ المتوقّعة. ويدعم هذا السيناريو تهديدات رئيس تكتلّ لبنان القوي النائب جبران باسيل الذي هدّد بالفوضى في تصريحه التلفزيوني الأخير.
– الاحتمال الثاني: هناك جهات تضغط من أجل تمرير الموازنة والقوانين المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي، في ظل سيناريو يسلط الاضواء على الحدث الأمني، أي اقتحام المصارف، في الوقت الذي يتمّ فيه مناقشة الموازنة. وهذا السيناريو بحسب المصادر سقط مع سقوط إقرار الموازنة الأسبوع الماضي، وهو ما يعني أنه قد يتكرّر بعد عودة المصارف إلى فتح أبوابها.
– الاحتمال الثالث: هناك نيات مبطّنة لخلق مناطق أمن حزبية تتولّى من خلالها الأحزاب فرض الأمن كلٌ في منطقته، في مشهد ظاهر وواضح إلى العلن، بحجّة أن الدولة عاجزة عن تأمين حماية الأملاك الخاصة، وبالتالي يصبح الوجود الحزبي المُسلّح أمرًا مفروضًا، مع ازدياد نسبة تسلح بعض الأحزاب الفاعلة في الآونة الأخيرة، وهو ما يشكّل تموضعًا بهدف التحضير لمفاوضات ستفرضها حكمًا التطورات الأمنية على الأرض.
– الاحتمال الرابع: يراد من هذه التحركات إرسال رسالة قوية إلى المصارف بضرورة التنازل في ملف توزيع الخسائر، وبالتالي تستغل بعض الجهات وجع المودعين لكي توجّه رسالة تهديد واضحة: ان وقتكم قد انتهى، وإذا لزم الأمر سننزل إلى بيوتكم (هذا ما ورد على لسان إحدى جمعيات المودعين).
وبغض النظر عن الاحتمالات المطروحة ومدى مصداقيتها ، نسي المعنيون أن الجيش لم يقل كلمته الأخيرة. وتقول المصادر إن الجيش اللبناني الذي رفض ويرفض الدخول في الصراعات السياسية العقيمة، لن يبقى مكتوف الأيدي في حال تمّ الإخلال بالأمن، وكان هناك من مؤشرات على تدهور الأمر وتوجّه إلى مزيد من الفوضى. وبالتالي تجزم المصادر أن الجيش ينتظر القرار السياسي للتدخل في ضبط الأمن، وفي حال لم يأت هذا القرار، فإن الجيش لن يقف مكتوف الأيدي، خصوصًا أن قائد الجيش العماد جوزف عون لن يساوم على السلم الأهلي.

Scan the code