التخطي إلى المحتوى

المصدر: العرب اللندنية

تفيد مؤشرات كثيرة بأن اتفاقا لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بات شبه جاهز بناء على مقترح قدمته الوساطة الأميركية. وعليه تتجه الأنظار إلى التبعات السياسية لهذا الاتفاق المرتقب وتأثيره على التوازنات الإقليمية، وفي القلب منها نفوذ إيران في المنطقة.

وقبل عامين انطلقت مفاوضات غير مباشرة بين بيروت وتل أبيب بوساطة أميركية وبرعاية الأمم المتحدة لفض نزاع حول منطقة في البحر المتوسط غنية بالنفط والغاز الطبيعي.

وتسارعت منذ بداية يونيو التطوّرات المرتبطة بالملفّ بعد توقف لأشهر، وذلك إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل كاريش تمهيدا لبدء استخراج الغاز منه. وتعتبر بيروت أنّ الحقل يقع في منطقة متنازع عليها، بينما تقول إسرائيل إنّه ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة.

وكانت المفاوضات بين الجانبين توقفت في مايو 2021 جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها، إذ اقتصرت المحادثات عند انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومترا مربّعا تُعرف حدودها بالخط 23، بناء على خارطة أرسلها لبنان عام 2011 إلى الأمم المتحدة. لكنّ لبنان اعتبر لاحقا أنّ الخارطة استندت إلى تقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومترا مربعا إضافية تشمل أجزاء من حقل “كاريش” وتُعرف بالخط 29.

والإثنين أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن “الأمور تسير على الطريق الصحيح”. ووفقا لمقترح قدمته واشنطن لبيروت عبر الوسيط الأميركي آموس هوكستين، فإن الاتفاق المحتمل يضمن للبنان كامل المنطقة المتنازع عليها والبالغة مساحتها حوالي 860 كيلومترا، بحسب تصريحات مسؤولين لبنانيين.

وقال نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إلياس أبوصعب الإثنين إن “هناك توازنا بالتعاطي بين لبنان والعدو الإسرائيلي، وقد تكرّس ذلك بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة (حزب الله).. ولبنان حصل على كامل حقوقه”.

في المقابل عبّر وزير الطاقة الإسرائيلي السابق يوفال شتاينيتس عن “دهشته لسماع أن اللبنانيين سيحصلون على مئة في المئة من المنطقة المتنازع عليها وإسرائيل صفر”.

ووفق مسؤولين إسرائيليين فإن “المصلحة الإسرائيلية” تكمن في إبعاد لبنان عن فلك إيران. وتعتبر إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها.

واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد الأحد أن “الاتفاق سيُضعف اعتماد لبنان على إيران وسيكبح جماح جماعة حزب الله اللبنانية”.

وتتهم تل أبيب وعواصم إقليمية وغربية، بينها واشنطن، حزب الله اللبناني بالسيطرة على مؤسسات الدولة لصالح حليفتها إيران، وهو ما تنفي الجماعة وطهران صحته.

كما رأى وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أن “الاتفاق المحتمل اقتصادي في جوهره، لكنه قد يعزز الاستقرار والردع ويُضعف اعتماد لبنان على إيران التي تزوده بالوقود وبسلع أخرى”.

في المقابل، فإن خبراء استبعدوا أن تكون واشنطن تهدف من خلال هذا الاتفاق إلى إبعاد النفوذ الإيراني عن لبنان.

وقال المحلل السياسي منير الربيع إن الهدف من ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل هو تأمين الغاز لأوروبا وتوجيه رسالة لروسيا من خلال ذلك.

كما يهدف الاتفاق أساسا إلى حفظ الاستقرار وضمان أمن إسرائيل، انطلاقا من جنوب لبنان، والسماح لها باستخراج الغاز، وفق المتحدث ذاته.

وعلى عكس ما تأمله تل أبيب، استبعد المحلل السياسي طوني بولس “أن يخفف الاتفاق المحتمل من تبعية لبنان لإيران.. ما هو ظاهر أن الاتفاق يعطي مكاسب لإيران على حساب الشعب اللبناني”.

وتابع “من الواضح أن الاتفاق الذي حصل هو بين إيران وإسرائيل أكثر مما هو بين لبنان وإسرائيل، لاسيما أن نتائجه بدأت تظهر في إيران”.

واستطرد “شاهدنا كيف تم إطلاق سراح معتقلين أميركيين لدى إيران، كما أن هناك حديثا حول نية واشنطن الإفراج عن حسابات مصرفية محتجزة للنظام الإيراني”.

وأردف “هناك أيضا معلومات عن إعطاء ضوء أخضر أميركي لإيران من أجل تصدير المزيد من نفطها إلى الخارج، بجانب اتفاقيات بين طهران والحكومة اللبنانية لتصدير النفط إلى لبنان”.

كل هذه المعطيات، بحسب بولس، تفيد بأن “الاتفاق أُبرم هناك مع طهران”.

Scan the code